الجمعة 20 جمادي الأولى 1446
قاعدة التداخل في الأحكام الفقهية
الثلاثاء 31 يناير 2023 2:00 مساءاً
1693 مشاهدة
مشاركة

إذا اجتمع حكمان شرعيان متجانسان دخل أحدهما في الآخر.

الأصل في العبادات والحدود عدم التداخل، ويدل لذلك أن الشريعة جاءت بالأوامر لكل عمل منفصلة -سواء على سبيل الإيجاب أو الندب-، والأصل تكرر الأحكام بتكرر موجباتها، ولأن عدم التداخل يؤدي في الغالب إلى عمل أكثر، وهو مطلوب شرعا إذا كان على وجه التعبد.

إلا أن الشريعة رخصت في التداخل في أحوال معينة، تيسيرا على المكلف، ورفعا للحرج عنه. 

قال العز بن عبد السلام: "التداخل على خلاف الأصل، والأصل تعدد الأحكام بتعدد الأسباب" [قواعد الأحكام 1/214، التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي ص87]

وقولهم (اجتمع) تنبيه إلى أن التداخل إنما يحدث عند اجتماع أحكام ناشئة من تعدد أسباب، سواء أكان الاجتماع لأسباب توجب أحكاما مختلفة أم متشابهة كما سيأتي.

وقولهم (حكمان) يشمل العبادات والمعاملات والعقوبات.

وقولهم (شرعيان) يخرج به الأحكام العقلية واللغوية.

وقولهم (متجانسان) فبينهما تجانس يتوقف على تحقق شروط معنية ستأتي.

مشروعية التداخل

وقد ثبتت مشروعية التداخل من الكتاب والسنة، وبيان ذلك فيما يأتي:

1- قوله تعالى {وإن كنتم جنبا فاطهروا} فأمر الجنب بالتطهر، وهو يدل على الاكتفاء بالغسل عن الوضوء، لاندراج الحدث الأصغر تحت الأكبر وتداخله.

2- قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمار بن ياسر في حديث التيمم: (إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا)، فجعل التيمم كافيا عن جميع الأسباب الموجبة للغسل أو الوضوء، وسواء كرر تلك الأسباب أم لم يكررها، كمن جامع مرتين، كفاه تيمما واحدا.

3- حديث جابر الطويل في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه: (حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا) [م 1218]، فتداخل أذان المغرب مع العشاء في أذان واحد.

4- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة ذي اليدين، لما قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- (أنسيت أم قصرت الصلاة)، ووجه الدلالة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حصل منه سهوان، وهما التسليم من اثنتين، وتكليم ذي اليدين، وهما من جنسين مختلفين، وسجد لهما سجودا واحدا للسهو.

4- ومن عمل الصحابة أنه ثبت عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما القول بوجوب كفارة واحدة إذا تكررت الأيمان وكان المحلوف عليه متحدا.

ويرى ابن حزم عدم جواز التشريك في النية مطلقا إلا ما ورد به النص من التشريك في النية بين الحج والعمرة.


التفاضل بين التداخل والتعدد

يمكن تقسيم العبادات من حيث أفضلية التعدد أو التداخل على النحو التالي:

أولا: ما كان التداخل فيه أفضل، والتعدد خلاف السنة، كمن دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة، فإن تحية المسجد تدخل مع المكتوبة ولا يفردها بصلاة مستقلة، وكالتداخل بين سجدات السهو عند تكرره في الصلاة، وقد يلحق بذلك من دخل الحرم لطواف العمرة، فإنه يطوف للعمرة، ولا يطوف للقدوم لدخوله في طواف العمرة. 

ثانيا: ما كان التداخل فيه أفضل، لكون التعدد لا معنى له، كالوضوء مرة واحدة عن حدثين، أو الغسل عن الجنابة والحيض.

ثالثا: ما كان التعدد فيه أفضل، لورود السنة بذلك، كالجمع بين الوضوء والغسل في الطهارة الكبرى.

رابعا: ما كان التعدد فيه أفضل، لكونه أكثر فعلا وزيادة في القربة، كإفراد طواف الوداع عن الإفاضة، وإن كان يتداخلان إذا طاف للإضافة عند خروجه.

[التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي ص95 وما بعدها]


تكييف التداخل فقهيا

اختلف العلماء في تداخل الأوامر، وسبب اختلافهم مبني على مسألة هل الأمر المطلق يقتضي التكرار أم المرة؟

لا خلاف بين الأصوليين أن الشارع إذا أمر بفعل مقيدة بالمرة أو بالتكرار فإنه يحمل عليه قطعا، كما لا خلاف بينهم في أن المرة لا بد منها، من جهة أنها ضرورية، إذ لا وجود للأمر إلا بفعله مرة واحدة على الأقل، ثم اختلفوا في الأمر المطلق عن القرائن هل يدل على إيقاع الفعل مرة واحدة أم مرات.

وقد ذهب المحققون كالجصاص والآمدي إلى أن الأمر المطلق لا يقتضي المرة ولا التكرار، بل يفيد مطلق الطلب، ولا تتحدد المرة أو التكرار إلا بقرينة، فالأمر في هذه الحال مجمل في دلالته على التكرار أو المرة، حتى تظهر القرينة، واستدلوا بأن صيغة الأمر في اللغة العربية لا دلالة لها إلا على الطلب في وقت محدد، فلا تدل إلا على مجرد طلب الفعل.

ويؤيد ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم) [م 1337]

وعلاقة مفهوم التداخل بمسألة الأمر المطلق أنه إذا كان الأمر المطلق يفيد مطلق الطلب كما هو رأي المحققين، فإنه لا يخلو أن تدل قرينة على إرادة التكرار والتعدد، وهو الأصل الغالب في مسائل التعدد.

أو أن تدل القرينة على إرادة التداخل، وعدم التعدد، وهذه القرينة هي نفسها سبب التداخل ومسوغه، فحيثما دلت القرينة على إرادة التداخل، صرف الأمر المطلق من مطلق الطلب إلى المرة الواحدة، وهو التداخل. [التداخل وأثره في الأحكام الشرعية ص41]


محل التداخل

اختلف العلماء في محل التداخل على أقوال:

القول الأول: وهو مذهب الحنفية، وهو التفريق بين العبادات والعقوبات، فمحل التداخل في العبادات هو الأسباب، لأنه إذا كان التداخل في الحكم نفسه، لأدى ذلك إلى وجود أسباب موجبة للعبادة بدون وجود العبادة، ولأنه إذا دارت الأحكام بين الثبوت والسقوط، فالثبوت أولى، لأن مبنى الأحكام على التكثير، لأن الله تعالى خلق الخلق لعبادته، فقيل بتداخل الأسباب في العبادات ليكون جميعها بمنزلة سبب واحد ترتب عليه حكمه.

ويظهر ذلك بالمثال، فإذا قرأ آية سجدة، وسجد لها، ثم أعادها مرة أخرى، فإذا قلنا بأن التداخل في الحكم، لاقتضى ذلك وجوب سبب للسجود جديد، ولم يسجد له المكلف، وإذا قلنا إن التداخل في الأسباب لكفته السجدة الأولى، ولم يكن هناك سبب بدون حكم وفعل.

أما العقوبات فإن الأليق بها التداخل في الأحكام، لأنها ليس مما يحتاط فيها، بل في درئها احتياط، فيجعل التداخل في الحكم، ليكون عدم الحكم مع وجود الموجِب والسبب مضافا إلى عفو الله وكرمه.

القول الثاني: أن التداخل محله المسببات -الأحكام-، فيدخل حكم في حكم آخر، أو فعل في فعل آخر، وهذا اختيار ابن رجب والزركشي.

القول الثالث: أن التداخل محله الأسباب، فيدخل أحد السببين في الآخر ويوجب مسببا واحدا، وهذا اختيار القرافي

والذي يظهر أن الخلاف قريب من اللفظي، وإن كان الأظهر هو القول الثاني، لأن الأسباب تتعدد واقعا وحسا، ولا يمكن إلغاؤها بعد وقوعها، وإنما الذي يكتفى ببعضه هو المسبات والأفعال، ولأن حقيقة التداخل وثمرته وفائدته إنما تظهر في الأحكام لا الأسباب.

[التداخل وأثره في الأحكام الشرعية ص50 وما بعدها، التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي ص77 وما بعدها]


أسباب التداخل

** ذكر بعض الباحثين أسباب التداخل كما يأتي:

أولا: النصوص الشرعية التي جاءت بالتداخل، كما سبق في أدلة مشروعية التداخل.

ثانيا: اتحاد المجلس، كاتحاد المجلس الذي تؤدى فيه فوائت متعددة فيكتفي فيه بأذان واحد، واتحاد المجلس الذي كان سببا للتداخل بين سجدات التلاوة في تكرار الآية الواحدة.

ثالثا: اتحاد السبب، كما لو ولغ الكلب عدة مرات فيكتفى بتطهير واحد، وكاتحاد السبب في سجود السهو، وهذا يتماشى مع رأي الحنفية، أما على رأي الجمهور فهي أسباب مختلفة للسهو اتحدت في حكم وفعل واحد.

رابعا: اتحاد الجنس، كما لو التقت نجاسة بنجاسة أخرى من جنسها، فإنها تجعلها نجاسة واحدة، وكاتحاد الجنس في سجود السهو من جنس واحد.

خامسا: العذر الذي يلحق بتركه مشقة بالغة بالمكلف، كتداخل وقت الصلاة في الجمع بين الصلاتين في السفر والمرض والمطر.

سادسا: الضرورة، كدفن أكثر من رجل في قبر واحدة، مع أن الأصل دفن كل ميت في قبر لوحده. [التداخل وأثره في الأحكام الشرعية ص56 وما بعدها]

وجعل بعض الباحثين أسباب التداخل ثلاثة:

السبب الأول: الاجتماع، يقصد به اجتماع أمرين مختلفين مخصوصين فأكثر في محل واحد، فلو انفرد كل واحد من هذه الأمور المجتمعة لأوجب حكما خاصا مختلفا، كما لو اجتمع على إنسان حد سرقة وشرب وزنا، فإن هذه الحدود لو انفردت لترتب على كل حد موجبه، لكن لما اجتمعت تداخلت فاكتفي بحد الزنا وهو الرجم لكون الزاني محصنا.

ومثله لو اجتمع حدثان أصغر وأكبر، فالأصغر يوجب الوضوء، والأكبر يوجب الغسل، لكن لما اجتمعا اكتفي بالطهارة الكبرى.

السبب الثاني: التعدد، وهو تعدد أمرين مختلفين مخصوصين فأكثر في محل واحد، لو انفرد كل واحد من هذه الأمور المتعدد لأوجب عين ما يوجبه الآخر، وهذا هو الفرق بين التعدد والاجتماع.

وصورة ذلك تعدد أسباب الحدث الأكبر، كما لو اجتمع على المرأة جنابة وحيض، أو جنابة ونفاس، فإن هذه الأمور المتعدد لو انفرد كل واحد منها، لم يختلف الحكم المترتب عليها، ومثله اجتماع أسباب الحدث الأصغر.

السبب الثالث: التكرار، وهو تكرر نفس السبب الموجب لمسبب واحد، كمن زنى مرارا ولم يحد، فتتداخل الحدود في حقه.

[التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي ص104 وما بعدها]


أقسام التداخل

** ذكر العلماء عدة اعتبارات لتقسيم التداخل، من أهمها: 

أولا: أنواع التداخل من حيث الوقوع وعدمه، وتحته ثلاثة  أنواع: 

1- تداخل واقع بالاتفاق، كالتداخل في الوضوء إذا تعددت أسبابه.

2- تداخل غير واقع بالاتفاق، كما لو نوى أربع ركعات عن ظهر وعصر.

3- تداخل مختلف فيه.

ثانيا: أنواع التداخل باعتبار الأحكام التكليفية، وتحته أنواع: 

1- تداخل بين واجب وواجب، كالتداخل بين الوضوء والغسل الواجبين، والتداخل بين تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع في حق المسبوق، وذلك عند من يرى وجوب تكبيرات الانتقال، إلا أن العلماء ذكروا أن تكبيرة الركوع للمسبوق في هذه الحال سنة، ومثل التداخل بين طواف الوداع وطواف الإفاضة.

والذي يظهر أن التداخل بين الواجب والواجب لا يمكن إلا إذا دل عليه النص.

2- تداخل بين مسنون ومسنون، كالتداخل بين سنة الوضوء وتحية المسجد، وبين صيام يوم عرفة وصيام يوم الإثنين إذا جاء عرفة يوم الإثنين.

3- تداخل بين واجب ومسنون، كالتداخل بين غسل الجنابة وغسل الجمعة، والتداخل بين الفرض وتحية المسجد.

4- تداخل بين واجب ومباح، كالتداخل في الغسل إذا كان بنية رفع الحدث الأكبر، ونية التبرد.

5- تداخل بين مسنون ومباح، كالتداخل في الغسل إذا كان بنية غسل الجمعة ونية التبرد.

ومما تقدم يلاحظ أن التداخل بين الأحكام التكليفية إنما يقع بين الواجب والمسنون والمباح، أما المحرم والمكروه فلا يتصور وقوع التداخل فيهما.

[التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي ص137 وما بعدها]


النية في التداخل

أولا: النية في التداخل في العبادات

أكثر العلماء على إجزاء التداخل بين العبادات المتداخلة وإن لم ينو جميع الأمور المتداخلة، وعلى هذا فيجزيء غسل الجنابة عن الوضوء وإن لم ينو، ويجزيء غسل الجنابة عن الجمعة وإن لم ينو، وتجزيء الراتبة عن صلاة تحية المسجد وإن لم ينو.

ووجه عدم اشتراط نية الأمور المتداخلة جمعيا حصول مقصود ما لم ينو، فإن مقصود الوضوء رفع الحدث الأصغر، وقد حصل برفع الأكبر، ومقصود غسل الجمعة النظافة، وقد حصلت بغسل الجنابة، ومقصود صلاة ركعتين عند دخول المسجد شغل بقعة بالصلاة، وقد حصلت بأداء الفريضة.

فإن نوى الأصغر فهل يتحقق له الأكبر؟ كمن نوى غسل الجمعة هل يجزئه عن الجنابة؟ فيه خلاف بين العلماء، فالحنفية والحنابلة على أنه يجزئه، والمالكية والشافعية على أنه لا يجزئه، لأن النافلة لا تغني عن الفريضة، وهذا هو الأقرب، حتى لو قلنا إن غسل الجمعة واجب، فإنه لا يرفع الحدث، بل هو للتنظف، ومثله تحية المسجد لو نواها لوحدها لم تجزئه عن الفريضة.

ومن العلماء من ذهب إلى أنه لا يصح التداخل إلا إذا نويت الأمور المتداخلة جميعا.


ثانيا: النية في التداخل بين العبادات والمباحات

مثاله: التداخل بين الوضوء أو الغسل وبين نية التبرد، والتداخل بين نية الصيام والحِمية، فجمهور العلماء على أن هذا التشريك لا يمنع من إجزاء التداخل في الفعل، ولا يؤثر في صحة العبادة؛ لأن هذه النية لا تنافي العبادة.

وخالف في ذلك بعض العلماء فذهبوا إلى أن التشريك في النية بين العبادة ويرها سبب لفساد العبادة، وجعلوا ذلك من قبيل الرياء المفسد للعمل.

والأقرب أن بينهما فرقا، لأن الرياء هو أن يريد بعمله غير وجه الله، أو يريد بعمله وجه الله، ووجه غيره، فهذا هو الرياء المبطل للعمل، أما مطلق التشريك بين القربة وغيرها، فإن هذه الأمور المباحة حاصلة فعلا وإن لم ينوها، فالتبرد حاصل وإن لم يرده، وكذلك الحمية.

[التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي ص159 وما بعدها]


شروط التداخل

اعلم أن شروط التداخل ليست كلها مما يجب توافره في جميع مسائل التداخل، بل في بعض المسائل يشترط توافر جميع الشروط، وفي مسائل أخرى يكتفى ببعض الشروط، وذلك راجع إلى طبيعة المسألة الفقهية.

كما أن شروط التداخل اجتهادية في الجملة، وتطبيق الشروط على مسألة معينة مما تختلف فيه أنظار أهل العلم، كشرط أن تكون العبادة غير مقصودة لذاتها، فمن العلماء من يرى أن طواف الوداع مقصود لذاته فلا يقولون بالتداخل بينه وبين طواف الإفاضة، ومنهم من يرى العكس.

وشروط التداخل كما يأتي:

أولا: أن تكون الأمور المتداخلة متحدة جنسا، وذلك كصلاة وصلاة، وسجود سهو سجود سهو، ويمين ويمين.


ثانيا: أن تكون الأمور المتداخلة غير مقصودة في نفسها، ويستثنى من هذا الشرط الحج والعمرة، فإن كلا منهما مقصود لذاته، ومع ذلك يقع بينهما التداخل بالنص.

ويتلخص تحت هذا الشرط ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن تكون الأمور التي يراد إيقاع التداخل بينها مقصودة جميعا، فحينئذ لا يقع التداخل، وذلك كصلاة الظهر وصلاة العصر، فلا يكتفى بواحدة منها عن الأخرى، ومثله نافلة الظهر مع نافلة المغرب.

ويستنثى من ذلك ما دلت النصوص على تداخله، كالتداخل بين الوضوء والغسل الواجبين، وما ذكره العلماء من التداخل بين تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع في حق المسبوق، وذلك عند من يرى وجوب تكبيرات الانتقال، حيث ذكروا أن تكبير الركوع سنة في هذه الحال.

الحالة الثانية: أن تكون الأمور التي يراد إيقاع التداخل بينها غير مقصودة في نفسها جميعا فيقع التداخل، وذلك كسجدات السهو، فإن كل سهو له سجدتان لكن عند تكرر السهو في صلاة واحدة، يكتفى بسجدتين فقط لأن سجود السهو غير مقصود في نفسه، بل المقصود منه جبر الصلاة وترغيم الشيطان.

ومثله لو أمذى وبال ونام فيكفيه وضوء واحد، لأن تعيين الوضوء عن واحد من هذه الأحداث غير مقصود في ذاته، بل المقصود رفع الحدث أيا كان، فيكتفى بوضوء واحد.

ومثله اجتماع الجنابة والحيض على المرأة، فتكتفي بغسل واحد عند الجمهور، وهنا قد ينظر إلى أن كل غسل مقصود لذاته، فلا يمكن التداخل بينهما، لكن إذا نظرنا إلى أن موجبهما واحد، وأن المكلف مطالب بالغسل لرفع الحدث الأكبر بغض النظر عن سببه، تبين تداخلهما.

ومثله الأغسال المسنونة، كما لو اغتسل للجمعة والعيد، فإنهما يتداخلان، لأن الأغسال المسنونة مقصودها واحد، وهو دفع التأذي بالرائحة عند الاجتماع.

ومثله لو ولغ الكلب عدة مرات في إناء فيكفيه تطهير واحد، لأن المقصود رفع النجاسة، وهذا مذهب الجمهور، وفي قول عند المالكية هو وجه للشافعية أنه لا تتداخل، فيجب لكل ولغة سبع غسلات، وفيه وجه آخر للشافعية أنه يفرق بين ولغات الكلب الواحد، وولغات الكلاب، فيكتفى في الأول بغسلة واحدة، ويجب في الثانية سبع غسلات لكل كلب.

ومثله ما لو جامع في يوم واحد مرتين، ولم يكفر عن الأولى، لزمته كفارة واحدة بغير خلاف كما قال صاحب المغني.

الحالة الثالثة: أن تكون الأمور التي يراد إيقاع التداخل بينها منها ما هو مقصود في نفسه ومنها ما هو غير مقصود في نفسه فيقع التداخل أيضا، وذلك كصلاة الفريضة وتحية المسجد، فإنها تتداخل فتكفي الفريضة، وإن كانت الفريضة مقصودة في نفسها إلا أنه اجتمع ما هو غير مقصود في نفسه وهما ركعتا التحية لأن المقصود إيقاع صلاة عند دخول المسجد تحية له، ولهذا جرى التداخل.

ومثله دخول طواف الوداع في طواف الإفاضة، ودخول طواف القدوم في طواف العمرة، بل من نوى العمرة فطاف وسعى ثم مشى، فقد دخل في طوافه طواف القدوم والعمرة والوداع عند من يقول بوجوب طواف الوداع على المعتمر.


ثالثا: إمكان تحصيل جميع المقصودات من الأمور المتداخلة دون تخلف واحد منها، مثال ذلك التداخل بين غسل الجمعة وغسل الجنابة مع أن المقصود منهما مختلف، فالمقصود من الأول النظافة، والمقصود من الثاني رفع الحدث، لكن لما أمكن تحصيل المقصودين جميعا دون تخلف واحد منها جرى التداخل.

فإن قيل: إن كل واحد من الغسلين مقصود لنفسه فكيف تداخلا؟ 

فالجواب أن المراد من غسل الجمعة هو التنظف، والمقصود من غسل الجنابة هو رفعها، وقد ذهب ابن حزم إلى أن غسل الجمعة لا يتداخل مع غسل الجنابة، وهو قول بعض متأخري المالكية، ووجه عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة.

ومثله اجتماع عدة أسباب موجبة للغسل أو للوضوء فيكتفى بغسل أو وضوء واحد.

ومثله اجتماع عدة أسباب للسهو، فيجزئه سجود واحد، لأنه يحصل المقصود بهذا السجود.

أما إذا لم يمكن تحصيل جميع المقصودات فلا تداخل كما في المثال الذي ذكره السيوطي: لو وطيء إنسان بشبهة بكرا، فإنه يجب أرش البكارة والمهر، ولا تداخل بينهما، لأن المقصود منهما مختلف، فالمهر من أجل الاستمتاع والأرش من أجل البكارة، ولو اكتفينا بواحد منهما لتخلف بتخلف الثاني مقصوده فلا يجري التداخل.


رابعا: مناسبة الوقت، والمكان، والهيئة، والمقصود به أن يكون الوقت الذي وقعت فيه العبادة متداخلة يصح فيه إيقاع العبادتين منفردتين غير متداخلتين، مثال ذلك راتبة الفجر، لو صليت قضاء بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح مع ركعتي الإشراق فإنه يجري التداخل بينهما، لأن الوقت صالح لإيقاع العبادتين منفردتين فيه، بينما لو صلاها قضاء بعد صلاة الفجر، لما جاز التداخل بينها وبين ركعتي الإشراق لأن الوقت غير صالح لإيقاع العبادتين جميعا منفردتين فيه، وهذا واضح لأن سبب العبادة الثانية لم يحن بعد.

هذا على القول بأن ركعتي الإشراق غير صلاة الضحى، وأنهما ركعتان للإشراق، أما على القول بأنها صلاة الضحى فلا يصح التداخل، لأن كل عبادة مقصودة لذاتها.

ومثاله أيضا: لو طاف للإفاضة، ونوى به الوداع أجزأه إذا لم يُقم في مكة، أما لو أقام بها لم يجزئه عن طواف الوداع؛ لأن الوقت الذي فعل فيه طاف الإفاضة غير صلاح لإيقاع طواف الوداع.

ومثاله: لو اغتسل للجنابة بعد فجر يوم الجمعة، ونوى به غسل الجمعة أمكن التداخل عند جماعة من العلماء الذي يقولون إن غسل الجمعة يبدأ من فجر يوم الجمعة، أما من يرى أن وقت غسل الجمعة يبدأ قبيل الذهاب إليها، فلا يجزئه إلا عند الذهاب إليها، كما هو مذهب المالكية فلا يجزيء غسل الجنابة بعد الفجر عن غسل الجمعة.

ومثاله: لو صلى راتبة الفجر في بيته، لم تجزئه عن تحية المسجد، لعدم مناسبة المكان، لأن مكان تحية المسجد عند دخول المسجد.

ومثاله: لو دخل المسبوق فوجد الإمام راكعا، فكبر تكبيرة ينوي بها الإحرام والركوع، أجزأه عند كثير من العلماء؛ لأن العبادة وقعت في هيئة –وهي القيام- صالحة لإيقاع العبادتين جميعا منفردتين، أما لو كبر للإحرام في حال الهوي إلى الركوع لم يجزئه عن تكبيرة الإحرام، لأن هذه الهيئة غير صالحة لإيقاع تكبيرة الإحرام فيها.

ومثاله: صلاة الجنازة لا تجزيء عن تحية المسجد لاختلاف الهيئة.

ومثاله: لو نوى بغسل الجمعة الوضوء لم يجزئه لفوات الترتيب، فلم يقع الوضوء على هيئته، وهذا المثال داخل تحت الشرط الأول وهو اتحاد الجنس.

فإن قيل: يشكل على هذا إجزاء غسل الجنابة عن الوضوء، ويجاب عنه بأن غسل الجنابة رافع للحدث الأكبر فيرفع الأصغر من باب أولى، بخلاف غسل الجمعة فهو لا يرتفع به حدث.


خامسا: ألا تكون إحدى العبادتين مفعولة على جهة التبعية للأخرى في الوقت، مثاله: صلى ركعتين بعد دخول وقت الفجر نوى بهما راتبة الفجر والفريضة فإنه لا يجري التداخل لأن إحدى العبادتين -وهي راتبة الفجر- تابعة للأخرى في الوقت.

وظاهر هذا الشرط أنه لو أراد قضاء راتبة الفجر في وقت راتبة الظهر فإنهما يتداخلان؛ لأن كل واحدة منهما غير مفعولة على وجه التبعية للأخرى، ولكن الفقهاء متفقون أنه لا تداخل بينهما في هذه الحال؛ لأنه كل راتبة مقصودة في نفسها، ولأن وقت كل راتبة مختلف. 

[التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي ص109 وما بعدها]

ثم قد تختلف أنظار العلماء في التداخل في بعض المسائل، فمنها: 

1- إذا سمع أكثر من نداء، فهل يجيب كل المؤذنين؟ على قولين للفقهاء، فمنهم من قال إنه تستحب إجابة جميع المؤذنين، ولكن بعد إجابة المؤذن الأول، لأن له حرمة، ولا تداخل هنا لأن الحكم يتعدد بتعدد سببه، ومنهم من قال إنه تستحب إجابة المؤذن الأول، لأن الأصل أن الأذان مشروع لدخول الوقت، ووقت الصلاة واحد، فكانت تعدد الأذان كالأذان الواحد لأن سبب الأذان وهو الوقت واحد. [التداخل وأثره في الأحكام الشرعية ص94 وما بعدها] 

2- هل يؤذن لكل صلاة فائتة أم للأولى فقط، فالحنفية على أنه يؤذن لكل صلاة فائتة، والجمهور على أنه يؤذن للأولى فقط، والمالكية يرون كراهية الأذان للفائته مطلقا، فمن رأى أن وقت الصلوات الفائتة صار واحدا اكتفى بأذان واحد، ومن نظر إلى أن القضاء يحكي الأداء، وقد فاتتهم صلاة بأذان، فيؤذن لكل صلاة.

3- اتفق الفقهاء على أن من قرأ آية أو آيات مختلفة فيها سجدة في مجلس واحد أو أكثر أنه يسجد للتلاوة كلما قرأ آية فيها سجدة، لوجود المقتضي للسجود، واتفقوا أيضا على أنه من كرر الآية في مجلسين منفصلين فإنه يكرر السجود لتجدد السبب، واختلفوا فيما لو كرر الآية الواحدة في مجلس واحد، كأن يعيد تلاوتها بعد سجوده للتلاوة لها أو نحو ذلك، هل يكرر السجود أم لا؟ على قولين والأقرب القول بالتداخل. [التداخل وأثره في الأحكام الشرعية ص131 وما بعدها]

4- اختلف العلماء فيما إذا كرر اليمين على شيء واحد، والجمهور على أنه تتداخل الأيمان وعليه كفارة واحدة، أما إذا كرر اليمين على أشياء مختلفة فعليه كفارة لكل يمين عند الجمهور.

5- إذا اشترى عددا من الشياة المصرات، ثم حلبها، فهل يتعدد صاع التمر الذي يرده بدل اللبن الذي حلبه بتعدد الشياة، أو أنه يكفي عن جميعها صاع واحد؟ المشهور عند الحنابلة الأول وهو الأقرب، وقال المالكية والظاهرية بالثاني.

إن كان شراء الشياة بعدة عقود تعدد الصاع، وإن كان شراؤها بعقد واحد فالجمهور على أنه يرد صاعا من تمر بعدد الشياة، والمالكية والظاهرية على أنه يكفيه صاع واحد، والصحيح قول الجمهور.

6- إذا اجتمعت عدتان لشخص واحد من جنس واحد، كأن يطلقها، ثم بعد أن حاضت حيضة واحدة وطئها في العدة جاهلا إن كان الطلاق بائنا، وجاهلا أو عالما إن كان رجعيا وقلنا إن الجماع لا يعتبر رجعة، فالجمهور على تداخل العدتين، فتكمل عدتها الأولى بحيضتين، ثم بعد ذلك تنتظر حيضة أخرى لتكمل عدتها الثانية.

7- إذا اجتمعت عدتان لشخصين من جنس واحد، كما لو اعتدت من طلاق، ثم تزوجها رجل آخر في عدتها ووطئها جاهلا، فاختلف العلماء على قولين، فمنهم من قال إن العدتين لا تتداخلان، فتعتد لعدة الأول، ثم تعتد لعدة الثاني، ومنهم من قال: تتداخلان ويندرج ما بقي من العدة الأولى في العدة الثانية.

8- إذا كرر الظهار من زوجة واحدة قبل التكفير، فمذهب الشافعي القديم ومذهب الحنابلة أنه لا تجب عليه إلا كفارة واحدة؛ لأن تكرار الظهار لا يؤثر في تحريمها، ومذهب الجمهور أنه إن أراد استئناف الظهار فكفارة لكل ظهار، وإلا فكفارة واحدة، والصحيح مذهب الحنابلة، كما لو حلف أيمانا على شيء واحد، ثم حنث وجبت عليه كفارة واحدة.

9- إذا ظاهر من نسائه بكلمات، فعليه كفارات بعددهن؛ لتعدد الظهار والمظاهر منها، وهذا مذهب الجمهور، وعن الإمام أحمد أنه تلزمه كفارة واحدة إذا لم يكفر عن أحدها من قبل.

10- من قذف رجلا مرات قبل إقامة الحد، فالجمهور قالوا بتداخل الحدود في هذه الحال، فيقام عليه حد واحد، وفي قول للمالكية أن عليه بكل قذف حدا.

11- إذا نذر صوم الشهر الذي يقدم فيه فلان، فقدم أول رمضان، فهل يجزئه رمضان عن فرضه ونذره، أشهر الروايتين عند الحنابلة عدم الإجزاء، ورجح شيخنا الإجزاء لأنه يصدق عليه أنه صام شهرا من وقت قدومه. [قواعد ابن رجب 1/148]

12- إذا دخل والإمام راكع، فكبر تكبيرة ينوي بها تكبيرتي الإحرام والركوع، فهل يجزئه؟ على روايتين عند الحنابلة، واختار القاضي عدم الإجزاء لأنه تشريك بين الركن وغيره، وهذا مذهب الشافعية، والرواية الثانية وهو مذهب المالكية أنه يجزئه. [قواعد ابن رجب 1/151]

13- إذا صلى عقب الطواف صلاة مكتوبة، فهل تجزيء عن ركعتي الطواف؟ على روايتين عند الحنابلة، وسبب الخلاف هل ركعتي الطواف مقصودتان لذاتهما، أم إن المقصود أن يقع عقب الطواف صلاة، فمن قال بالأول: اختار أنه لا تجزيء الفريضة عن ركعتي الطواف، وهو الأقرب. [قواعد ابن رجب 1/154، التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي ص373 وما بعدها]

14- إذا لبس المحرم ثوبا مطيبا، فهل عليه فديتين أم واحدة؟ رجح النووي أنها واحدة لاتحاد الفعل وتبعيّة الطيب. [الأشباه والنظائر للسيوطي ص126 وما بعدها]

15- من كرر محظورا من جنس ولم يفد فدى مرة، كأن يلبس مخيطا في اليوم الأول من أيام الحج، ثم يلبسه في اليوم الثاني ولم يفد بينهما فعليه فدية واحدة، لأن الله عز وجل أطلق في فدية الأذى ولم يفرق بين من حلق رأسه متتابعا، وبين من حلقه متفرقا بأن حلق ثم حلق، وأشبه ذلك إقامة الحدود الشرعية، فإن الرجل إذا تكرر زناه بامرأة أو قذفه لرجل ولم يقم الحد عليه، فإنه لا يقام عليه إلا مرة واحدة، وأشبه الأيمان فإن حلف يمينا ثم حنث فيها فحنث ثم حنث فإنه لا يكفر إلا مرة واحدة، والمسألة خلافية بين العلماء، فمذهب الحنابلة هو ما سبق، وذهب الحنفية إلى تداخل الفدية إن فعل محظورا من جنس واحد عدة مرات في مجلس واحد، فإن كان في أكثر من مجلس تعددت الكفارة وإن لم يفد من قبل، وذهب المالكية إلى أن العبرة بقرب الوقت، فمن كرر محظورا من جنس واحد وكان وقت فعلها متقاربا، تداخلت الفدية، ومرجع ذلك للعرف، والشافعية يفرقون بين محظورات الاستهلاك كالحلق وتقليم الأظافر، ومحظورات استمتاع كالتطيب واللباس، على تفصيل عندهم، ويستثنى مما سبق جزاء الصيد، فإن عليه المثل في كل صيد صاده وإن لم يخرج المثل قبل الصيد الثاني، لقول الله تعالى {فجزاء مثل ما قتل من النعم} والمثلية تكون بالنوع والعدد، فإذا كرر الصيد تكرر الجزاء عليه، وإن لم يخرجه من قبل.

16- من فعل محظورات مختلفة لزمته بعددها فدية عند الجمهور على خلاف بينهم في بعض التفاصيل؛ وهذا كما لو قذف وزنى وهو غير محصن وسرق فإن هذه الحدود تقام عليه كلها لاختلاف أجناسها، وذهب المالكية إلى التداخل في بعض الصور، بشرط أن يكون فعلها في وقت واحد، أو في وقت قريب، وأن يكون ظانا أنه يباح له فعلها.

17- من صام قضاء رمضان يوم عرفة، ونوى به الفرض والنفل، لم يحصل له بصيامه ما نواه، وقال بعض العلماء يحصل له ذلك، والأقرب أن كل عبادة مقصودة لذاتها فلا يجمع بينها.

18- إذا حمل الولي الصبي فهل يصح أن يطوف عن نفسه وعن الصبي بطواف واحد؟ المشهور عند الحنابلة أنه لا يصح، وإذا نوى عن نفسه وعن المحمول فإنه يقع عن المحمول ولا يقع عن نفسه، ولا يقع التداخل هنا لأن المحل ليس واحدا، فهما شخصان، والقول الثاني: أنه لا يصح، ويقع عن نفسه دون المحمول، واختار شيخنا أنه إذا كان الصبي يعقل النية فنوى وحمله وليه، فإن الطواف يقع عنه وعن الصبي، لأنه لما نوى الصبي صار كأنه طاف بنفسه، أما إذا كان لا يعقل النية فإنه لا يصح أن يقع طواف بنيتين، فيقال لوليه إما أن تطوف أولا، ثم تطوف بالصبي، وإما أن تكل أمره إلى شخص يحمله بدلا عنك.

والصحيح ما ذهب إليه الأحناف وهو قول في المذهب واستحسنه الموفق واختاره السعدي أن الطواف يجزيء عنهما جميعا، لأن الحامل نوى للمحمول فانعقدت نية المحمول، ثم نوى لنفسه فانعقدت نيته، ولا فرق حينئذ بين أن يكون المحمول عاقلا للنية وبين أن لا يكون كذلك، فالمهم أن النية قد حصلت له، ويدل لذلك أنه لو حمله في عرفات لكان الوقوف لهما، فكذلك إذا حمله في الطواف.

19- هل يجب غسل الكفين مع اليدين إلى المرفقين؟ فيه خلاف بين العلماء، فمن قال بوجوب الترتيب وهم الشافعية والحنابلة قالوا إنه يجب غسل الكفين مع اليدين إلى المرفقين، ولا يكتفي بغسلهما أول الوضوء، لأن غسلهما أول الوضوء سنة، وغسلهما مع اليدين واجب، ومن قال بأن التريب سنة وهم الحنفية والمالكية قالوا إنه يجزيء غسلهما أول الوضوء بناء على تداخل العملين لاتحاد المقصود، فيكفي أحدهما عن الآخر. [التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي ص313 وما بعدها]