الخميس 19 جمادي الأولى 1446
الحائض إذا انقطع دمها فهي كالجنب إلا في مسألة واحدة
الثلاثاء 31 يناير 2023 2:00 مساءاً
591 مشاهدة
مشاركة

الحائض إذا انقطع دمها فهي كالجنب إلا في مسألة واحدة.

قال ابن القيم في بدائع الفوائد (3/256): "الحائض إذا انقطع دمها فهي كالجنب، فيما يجب عليها ويحرم، فيصح صومها وغسلها وتجب عليها الصلاة، ولها أن تتوضأ، وتجلس في المسجد، ويجوز طلاقها على أحد القولين، إلا في مسألة واحدة فإنها تخالف الجنب فيها وهي جواز وطئها، فإنه يتوقف على الاغتسال، والفرق بينها وبين الجنب في ذلك أن حدث الحيض أوجب تحريم الوطء، وحدثه لا يزول إلا بالغسل، بخلاف حدث الجنابة، فإنه لا يوجب تحريم الوطء، ولا يمكن ذلك فيه البتة، واستثنى بعض الفقهاء مسألة أخرى، وهي نقض الشعر للغسل، فإنه يجب على الحائض في أحد القولين دون الجنب، ولا حاجة إلى هذا الاستثناء فتأمله" ا.هـ

قلت: وعلى كلام ابن القيم السابق فإذا طهرت الحائض في الوقت، وأدركت من الوقت مقدار ركعة فأكثر وجب عليها أن تصلي في الوقت، حتى وإن لم تغتسل، وإنما تتيمم، لأنها كالجنب إذا لم يبق من الوقت إلا مقدار ما يكفيه للصلاة وجب عليه أن يتيمم ويصلي في الوقت.

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والمرأة والرجل في ذلك سواء، فإذا كانا جنبين ولم يمكنهما الاغتسال حتى يخرج الوقت، فإنهما يصليان في الوقت بالتيمم، والمرأة الحائض إذا انقطع دمها في الوقت ولم يمكنها الاغتسال إلا بعد خروج الوقت تيممت وصلت في الوقت، ومن ظن أن الصلاة بعد خروج الوقت بالماء خير من الصلاة في الوقت بالتيمم فهو ضال جاهل، وإذا استيقظ آخر وقت الفجر، فإذا اغتسل طلعت الشمس، فجمهور العلماء هنا يقولون يغتسل بعد طلوع الشمس، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد، وأحد القولين في مذهب مالك، وقال في القول الآخر: بل يتيمم أيضا هنا ويصلي قبل طلوع الشمس، كما تقدم في تلك المسائل، لأن الصلاة في الوقت بالتيمم خير من الصلاة بعده بالغسل، والصحيح قول الجمهور، لأن الوقت في حق النائم هو من حين يستيقظ، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها) فالوقت في حق النائم هو من حين يستيقظ، وما قبل ذلك لم يكن وقتا في حقه" أ.هـ [الفتاوى 22/35، 36] 

وعلى هذا يمكن أن يقال في هذه المسألة إن الوقت آكد شروط الصلاة، والوقت في حق النائم من حين يستيقظ، والصلاة في الوقت بتيمم خير من الصلاة بعد الوقت بوضوء، سواء أكان المكلف جنبا أم حائضا أم غير ذلك.

وقد راجعت شيخنا في هذه المسألة فقال: "الظاهر أنها معذورة"، والذي يظهر أنها بمثابة من استيقظ من نومه فيكون وقتها من وقت طهارتها، والفرق بينها وبين الجنب أن الجنب يملك أن يرفع حدثه، أما هي فلا تعرف متى يرتفع حدثها، فتشبه النائم الذي يستيقظ فيكون وقته من قوت استيقاظه، والله أعلم.