هل يحرم استعمال آنية الذهب والفضة في غير الأكل والشرب؟ فيه خلاف:
القول الأول: وهو قول جماهير أهل العلم، أن المحرم ليس الأكل والشرب فحسب، بل يشمل ذلك الأكل والشرب وغيرهما من الاستعمالات، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)، بل حكى النووي الإجماع على ذلك.
القول الثاني: أن المحرم الأكل والشرب فقط، وهذا مذهب أهل الظاهر وممن ذهب إليه الشوكاني والصنعاني، لأن النص وارد فيهما فقط.
القول الثالث: أن استعمال آنية الفضة جائز في غير الأكل والشرب، بخلاف آنية الذهب، لأن أم سلمة: "كان عندها جلجل من فضة فيه شعر من شعرات النبي -صلى الله عليه وسلم- يستشفى بها" [خ 5896]، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها) [حم، د، وسنده جيد]
والقول الراجح هو القول الأول، أما الجواب عن دليل أصحاب القول الثاني فهو أن التقييد في الحديث بالأكل والشرب خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له، كقوله تعالى {وربائبكم اللاتي في حجوركم}، وقد يقال إن الحديث فيه تنبيه بالأعلى على ما هو أدنى منه، فتحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة مع حاجة الإنسان إلى الأكل والشرب، يدل على أن ما دون ذلك ممنوع من باب أولى، ولا شك أن حاجة الإنسان للأكل والشرب أعظم من حاجته لاتخاذ آنية الذهب لزينة أو نحوها.
وأما الجواب عن دليل أصحاب القول الثالث فهو أن الجلجل ليس بإناء، لكنه مكحل أو جرس، ثم إن العلماء قد اختلفوا هل كان الجلجل الذي عندها من فضة أم من غيره [راجع الفتح في شرح حديث أم سلمة السابق 10/366] ثم هو فعل صحابي لا يعارض به النص، وحديث (ولكن عليكم بالفضة) ليس فيه دلالة لأنه عام، وأحاديث التحريم خاصة.
وهل يحرم اتخاذ آنية الذهب والفضة بلا استعمال؟ فيه خلاف على قولين:
القول الأول: أن الاتخاذ محرم كالاستعمال، وهو مذهب جمهور العلماء، لأن ما لا يجوز استعماله لا يجوز اتخاذه كآلات اللهو والخمر ونحوهما، ولأن الاتخاذ ذريعة إلى الاستعمال.
القول الثاني: أنه يجوز الاتخاذ بدون استعمال، وهو مذهب الحنفية ورواية عن أحمد.