** وهو سنة بالاتفاق كما ذكر النووي، ولم يخالف في ذلك إلا بعض الزيدية فذهبوا إلى الوجوب، ويدل لغسل اليدين إلى الرسغين حديث حُمرَان مولى عثمان: (أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثا، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه) [خ 160، م 226]
** فإن قيل قد ورد في حديث أن أبا جبير الكندي قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوَضوء، وقال: توضأ يا أبا جبير، فبدأ بفيه، فقال له: (لا تبدأ بفيك، فإن الكافر يبدأ بفيه) [حب، وقال شعيب الأرنؤوط: "إسناده جيد"] فهذا يدل على أنه لا يجوز البدء بالضمضمة، فالجواب من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا النهي يحمل على الكراهة، لاتفاق العلماء على أن غسل اليدين إلى الرسغين سنة، ولو حمل النهي في هذا الحديث على التحريم لكان غسل اليدين واجبا، وهذا الوجه يضعفه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (فإن الكافر يبدأ بفيه)
الوجه الثاني: أن الحديث ضعيف، فقد ذكر الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة [13/558] أن الحديث صورته مرسل، وقال الألباني: "إسناده صحيح رجاله ثقات رجال مسلم وفيه شبهة الإرسال"
** هل يجب التيامن؟
التيامن: تفاعل من اليمين، وهو مستحب غير واجب بالإجماع، وقد نقل ابن قدامة الإجماع على ذلك [انظر المغني 1/153] وقال: "والفقهاء يسمون أعضاء الوضوء أربعة، يجعلون اليدين عضوا، والرجلين عضوا، ولا يجب الترتيب في العضو الواحد"، لكن التيامن يكون بين ما فيه يمين ويسار، وعلى هذا لا يشرع التيامن في الأعضاء المنفردة، لأنه تنطع وتكلف في العبادة، وقد كان هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يغسل وجهه غسلا واحدا ويمسح رأسه مسحة واحدة.
وقد ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله) [خ 168، م 268]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا: (إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم) وفي رواية أبي داود (إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيامنكم) [جه 402، د 4141، وصححه الألباني] وهذا على سبيل الاستحباب.