** اختلف العلماء في وجوب تغسيل الميت على قولين:
القول الأول: وهو مذهب الجمهور أنه واجب، والموت موجب للغسل، لكنه ليس حدثا، لكن جعله العلماء في باب الغسل لأنه واجب، وهو واجب على الأحياء لا على الميت نفسه، واستدلوا على ذلك بما يأتي:
1- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه -والحنوط أخلاط من الطيب- ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) [خ 1265، م 1206] والأصل في الأمر الوجوب.
2- عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: (دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين توفيت ابنته، فقال: اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور) [خ 1253، م 939] وفي رواية في الصحيحين: (اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)
3- نقل النووي الإجماع على أنه غسل الميت فرض كفاية، لكن قال الحافظ في الفتح: "وقد نقل النووي الإجماع على أن غسل الميت فرض كفاية، وهو ذهول شديد، فإن الخلاف مشهور عند المالكية حتى أن القرطبي رجح في شرح مسلم أنه سنة، ولكن الجمهور على وجوبه" [الفتح 3/125]، وقد نقل صاحب الإنصاف الإجماع أيضا. [الإنصاف 2/469]
القول الثاني: أنه سنة، وهو مذهب المالكية، واستدلوا بما يأتي:
1- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حديث أم عطية: (إن رأيتن ذلك)، وهذا يحتمل انه عائد إلى جميع الغسل، أو عائد على الزيادة على الثلاث، فإن كان عائدا على الجميع فهو واضح، وإن كان عائدا على ما زاد على الثلاث، فما زاد على الثلاث ليس بواجب إجماعا فكذلك الثلاث، والغسل لو كان واجبا لما طلب منهم الزيادة وأرجع الزيادة إلى مشيئتهن.
2- أن المسلم طاهر ولا ينجس، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا: (إن المسلم لا ينجس) [خ 283، م 371] وفي رواية (سبحان الله يا أبا هر إن المؤمن لا ينجس) [خ 285، 371]