الجمعة 20 جمادي الأولى 1446
نجاسة المذي والودي
الخميس 12 مايو 2022 2:00 مساءاً
852 مشاهدة
مشاركة

** المذي سائل شفاف لزج يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع أو إرادته، وقد يخرج بدون علم الإنسان.

** اختلف العلماء في نجاسة المذي على أقوال: 

القول الأول: أنه ليس بنجس وليس بناقض للوضوء، وهذا قول سعيد بن المسيب، وقال المرداوي: "وعنه ما يدل على طهارته، اختاره أبو الخطاب في الانتصار" [الإنصاف 1/330]، وهذا القول أضعف الأقوال.

القول الثاني: أنه نجس، وناقض للوضوء، وهذا مذهب الجمهور، وهو الراجح، بل نقل النووي الإجماع على كونه نجسا [المجموع 2/571]، ونقل ابن المنذر الإجماع على كونه ناقضا للوضوء، لكن نقل الإجماع على نجاسته غير صحيح، فإنه ورد عن الإمام أحمد ما يدل على طهارته عنده [الإنصاف 1/330، شرح الخرشي 1/92، المجموع 2/6]، والقائلون بهذا القول مختلفون في كيفية التطهر منه، فأكثر العلماء على أنه يلزمه غسل موضع النجاسة والوضوء، أما غسل الذكر والأنثيين فمستحب، وعن الإمام مالك وهو رواية عند الحنابلة أنه يجب أن يغسل ذكره، وفي رواية عن الإمام أحمد أنه يغسل ذكره وأنثييه [الفروع 1/247]، واستدل الجمهور على النجاسة ونقض الوضوء بما يأتي: 

1- حديث علي -رضي الله عنه- قال: (كنت رجلا مذاء، وكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ) [خ 269، م 303، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري: (توضأ واغسل ذكرك)] وفي رواية أبي داود: (يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ) [د 182] وهذه رواية منقطعة لأن عروة لم يسمع من علي، ولكن رواها أبو عوانة في مستخرجه من طريق عبيدة السلماني، وقال ابن حجر وهذا إسناد لا مطعن فيه، لكن هذه الزيادة ضعفها الإمام أحمد في سؤالات أبي داود، وصححها الألباني.

2- عن سهل بن حُنيف قال: (كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر من الاغتسال فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء، قلت: يا رسول الله فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: يكفيك بأن تأخذ كفا من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه) [حم 15543، د 210، ت 115، والحديث فيه محمد بن إسحاق، وهو صدوق مدلس، لكنه قد صرح بالتحديث، والحديث حسنه الألباني، وقد احتج بالحديث الترمذي وابن حزم والإمام أحمد وابن قدامة والنووي والشوكاني وغيرهم]

وأجيب عنه بأنه وقع جوابا لسؤال، وما وقع جوابا لسؤال فإنه لا يقتضي الوجوب.

ورد هذا الجواب بعدم التسليم بإطلاق هذه القاعدة، فالسؤال إن كان عن الإجزاء أو الإباحة فالجواب للإجزاء أو الإباحة، مثاله: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن الصلاة في مرابض الغنم قال: صلوا في مرابض الغنم.

والسؤال إن كان عن الاستحباب فالجواب للاستحباب، مثاله لما سئل -صلى الله عليه وسلم- عن قضاء النذر عن الميت، فقال: دين الله أحق بالقضاء.

والسؤال إن كان عن الوجوب فالجواب للوجوب، مثاله: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئل: أنتوضا من لحوم الإبل، قال: توضؤوا من لحوم الإبل.

ولو كانت القاعدة المذكورة مسلمة على إطلاقها لما كان في حديث الإعرابي الذي سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عما يجب عليه من صلاة وصيام دلالة على وجوب الصلوات الخمس، ولا وجوب الصيام، لأن كل هذا وقع جوابا لسؤال، ولما كان في حديث علي بن أبي طالب في المذي دلالة على وجوب الوضوء لأنه وقع جوابا لسؤال، ولانتقضت علينا أدلة كثيرة، وبطلت أحكام كثيرة بهذا القول، لكن صواب القاعدة أن يقال: إن ما كان جوبا لسؤال لا يستلزم الوجوب، وفرق بين الاستلزام وبين الاقتضاء. [انظر المغني 13/656]

واستدل الجمهور بحديث سهل بن حُنيف على أن غسل الذكر والأنثيين مستحب وليس بواجب، لأنه لم يذكره في الحديث، ولأن حديث رواية غسل الأنثيين فيها مقال.

القول الثالث: أنه نجس وناقض للوضوء، لكن يكتفى فيه بنضح الفرج فقط، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدل بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (توضأ وانضح فرجك) [م 303، الإنصاف 1/330]

وأجيب بأن النووي قد ذكر في شرح مسلم أن في هذه الرواية انقطاعا بين مخرمة وبين أبيه، وكذا علل به النسائي في سننه، وابن القطان في بيان والوهم والإيهام. [المغني 1/112، المجموع 2/164]، أو أن يقال إن النضح بمعنى الغسل.

** إن أصاب ثوبه مذي فمذهب الجمهور أنه يغسله، وعن الإمام أحمد ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم أنه يكتفى فيه بالنضح، ويدل ذلك حديث سهل بن حُنيف -رضي الله عنه- قال: (كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر من الاغتسال، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء، قلت: يا رسول الله فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: يكفيك بأن تأخذ كفا من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه) [سبق تخريجه] 

** اختلف العلماء في الودي على قولين: 

القول الأول: أنه نجس، وهو مذهب جماهير العلماء، بل نقل النووي الإجماع على نجاسته، وهو الأحوط، واستدلوا بما يأتي: 

1- عن علي -رضي الله عنه- قال: (كنت رجلا مذاء وكانت تحتي بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكنت استحيي أن أسأله، فأمرت رجلا فسأله، فقال: إذا رأيت المذي فتوضأ واغسل ذكرك، وإذا رأيت الودي فضخ الماء فاغتسل) [مصنف ابن أبي شيبة 1/89، رجال ثقات إلا أن ذكر الودي غير محفوظ]

2- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "المني والودي والمذي، فأما المني ففيه الغسل، وأما المذي والودي ففيهما الوضوء ويغسل ذكره" [مصنف ابن أبي شيبة 1/89، وسنده صحيح] لكن ليس فيه التصريح بالنجاسة.

3- أن الودي يخرج عقب البول غالبا، فيكون نجسا لملاقاته محلا نجسا.

وهذا الاستدلال فيه نظر كما سبق في حكم المني؛ لأنه لو جرى في مجراه، فلا نسلم أن البول قبل ظهوره نجس، ولو سلمنا أن البول في الباطن نجس، فلا نسلم أن المماسة في باطن الحيوان موجبة للتنجيس، ويؤيد هذا قوله تعالى {من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين} ولو كانت المماسة في الباطن للفرث موجبة للنجاسة لنجس اللبن. 

القول الثاني: أنه كالمذي، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهذه الرواية تحتمل أنه نجس، أو هو نجس ويعفى عن يسيره، أو هو طاهر، واستدلوا بعدم الدليل على نجاسته. [المجموع 2/572، الإنصاف 1/340، مواهب الجليل 1/104]