** اختلف العلماء في نجاسة القيء على أقوال:
القول الأول: أنه نجس مطلقا، وهو مذهب الحنفية والمعتمد عند الشافعية واختيار ابن حزم، واستدلوا بما يأتي:
1- عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: (أتى عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا على بئر أدلو ماء في ركوة لي، فقال: يا عمار ما تصنع؟ قلت: يا رسول الله بأبي وأمي أغسل ثوبي من نخامة أصابته، فقال يا عمار: إنما يغسل الثوب من خمس من الغائط والبول والقيء والدم والمني، يا عمار ما نخامتك ودموع عينيك والماء في ركوتك إلا سواء) [قط 1/127]
وأجيب عنه بأنه لا أصل له، وفي إسناده ثابت بن حماد، قال الدارقطني: ضعيف جدا، وقال ابن عدي: له مناكير، وضعفه العقيلي وأبو نعيم، واتهمه بعضهم بالوضع، وقال اللالكائي: أجمعوا على ترك حديثه، وقال البيهقي: "هذا حديث باطل"
2- أنه طعام مستقذر لا يجوز الانتفاع به، فكان نجسا كالبول.
وأجيب بأن الاستقذار الطبعي لا يدل على النجاسة، فإن الاستقذار أمر نسبي.
3- أن القيء ينقض الوضوء فيكون نجسا.
وأجيب بأن الراجح أنه لا ينقض الوضوء، ولو سلمنا بأنه ناقض، فإن الريح ناقضة للوضوء وليست نجسة.
القول الثاني: أنه طاهر مطلقا، وهو اختيار الشوكاني، لأن الأصل الطهارة، ولا دليل على النجاسة، ولأن القيء مما تبتلى به الأمهات ويكثر من الأطفال، ولو كان نجسا لاحتيج إلى بيانه.
القول الثالث: أنه إن خرج غير متغير فهو طاهر، وإن تغير ولو بحموضة فهو نجس، وهو مذهب المالكية، واستدلوا بأن الطعام طاهر، فإن تغير فهو متغير بنجاسة فيأخذ حكمها.
وأجيب بأن تغير الطعام إنما هو بسائل المعدة، وهذا السائل ليس بنجس.
القول الرابع: أنه ليس بنجس إلا إذا أشبه أحد أوصاف العذرة، وهو اختيار ابن رشد من المالكية.
القول الخامس: أن قيء ما يؤكل لحمه طاهر، وغيره نجس، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، واستدلوا بأن القيء ليس بأخبث من البول، فإذا كان بول ما يؤكل لحمه طاهرا فكذلك قيئه.
والأقرب أن قيء الحيوان تبع لذاته لا لبوله، فإذا كان طاهرا كالإنسان والحمار والبغل والهر فهو طاهر، وإلا فهو نجس كالكلب والخنزير.