** أجمع العلماء على نجاسة الميتة وشحومها ودمائها من كل حيوان، سواء أكان مأكول اللحم أم غير مأكول، وقد نقل الإجماع ابن رشد وابن قدامة، ويدل لذلك ما يأتي:
1- قوله تعالى {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس}، ولكن الاستدلال بالآية يتوقف على معنى قوله تعالى {رجس} فإنه يحتمل أن يراد الرجس المعنوي، لأن الآية جاءت في سياق تحريم الأكل، ولأن الرجس في كلام الشارع أكثر ما أطلق على النجاسة المعنوية.
2- عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) [م 366، وضعفه الإمام أحمد كما سيأتي في حكم جلد الميتة بعد الدباغ، لكن للحديث شواهد]، وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (دباغ جلود الميتة طهورها) [حب 4/105، وصححه الألباني] فإن كان الجلد قبل الدبغ نجسا، فمن باب أولى اللحم، لأن نجاسة الجلد إنما كانت لاتصاله باللحم.
وشذ الشوكاني فذهب إلى طهارة الميتة، والصحيح هو ما عليه الإجماع، ويستثنى من ذلك:
1- ميتة الآدمي كما سبق.
2- ميتة حيوان البحر كما سبق. [انظر زاد المعاد 3/391]
3- ميتة ما لا نفس له سائلة كما سبق.
وقد قال ابن القيم رحمه الله: "إن الميتة إنما حرمت لاحتقان الرطوبات والفضلات والدم الخبيث فيها، والذكاة لما كانت تزيل ذلك الدم والفضلات كانت سبب الحل، وإلا فالموت لا يقتضي التحريم، فإنه حاصل بالذكاة كما يحصل بغيرها، وإذا لم يكن في الحيوان دم وفضلات تزيلها الذكاة لم يحرم بالموت، ولم يشترط لحله ذكاة كالجراد، ولهذا لا ينجس بالموت ما لا نفس له سائلة، كالذباب والنحلة ونحوهما، والسمك من هذا الضرب، فإنه لو كان له دم وفضلات تحتقن بموته، لم يحل لموته بغير ذكاة، ولم يكن فرق بين موته في الماء وموته خارجه، إذ من المعلوم أن موته في البر لا يذهب تلك الفضلات التي تحرمه عند المحرمين إذا مات في البحر، ولو لم يكن في المسألة نصوص لكان هذا القياس كافيا والله أعلم" [زاد المعاد 3/344]