** اختلف العلماء في طهارة الحمار والبغل على قولين:
القول الأول: أنهما طاهران وهو مذهب الجمهور، وهو الراجح، واستدلوا بما يأتي:
1- أن الأصل في الأعيان الطهارة.
2- قوله تعالى {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} فذكرها الله تعالى في سياق الامتنان، مما يدل على طهارتها.
3- أن الحمار والبغل من الحيوانات التي يكثر استعمالها وتشتد حاجة الناس إليها، ولم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بتوقي سؤرها.
4- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علل في سؤر الهرة بأنها من الطوافين، فيقاس كل ما يشق التحرز منه.
القول الثاني: أنهما نجسان وهو المشهور من مذهب الحنابلة، واستدلوا بحديث أنس رضي الله عنه قال: (صبح النبي -صلى الله عليه وسلم- خيبر وقد خرجوا بالمساحي -المجارف- على أعناقهم، فلما رأوه قالوا هذا محمد والخميس، محمد والخميس، فلجئوا إلى الحصن، فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- يديه، وقال: الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، وأصبنا حمرا فطبخناها، فنادى منادي النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فأكفئت القدور بما فيها) [خ 2991، م 1940] وفي رواية: (ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عنها فإنها رجس من عمل الشيطان، فأكفئت القدور بما فيها، وإنها لتفور بما فيها) [خ 5528، م 1940 واللفظ لمسلم]
وأجيب بأن الحديث في تحريم لحومها، ولا يلزم من تحريم أكل لحومها نجاسة عينها، كما أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إنها رجس) يحتمل مجرد التحريم أي النجاسة المعنوية لا النجاسة الحسية، كما في قوله تعالى {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان}، ويدل لذلك تقييد الرجس في الحديث والآية بأنه من عمل الشيطان، بل إن الرجس في كلام الشارع أكثر ما أطلق على النجاسة المعنوية، نحو قوله تعالى {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} وقوله {ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون} وقوله {كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} وقوله {قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب} وقوله {وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم} وقوله {فأعرضوا عنهم إنهم رجس} وقوله {فاجتنبوا الرجس من الأوثان}، هذه المواضع التي ورد فيها الرجس بمعنى النجاسة المعنوية في القرآن الكريم، وبقي موضعان هما محل خلاف بين العلماء، وهما قوله تعالى {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} وقوله تعالى {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس}