** اختلف العلماء في أقل سن يمكن أن يأتي معه الحيض على أقوال:
القول الأول: وهو مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة على أنه لا حيض قبل تسع سنين قمرية، فإن رأت دما قبل ذلك فهو فساد، واختلف القائلون بهذا القول، فذهب الشافعية إلى أن المعتبر في التسع التقريب لا التحديد، على تفصيل لهم في ذلك، وذهب الحنابلة إلى أن العبرة بتمام تسع واستدلوا بما يأتي:
1- أثر عائشة -رضي الله عنها-: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة" [ت 1109، وقال الدبيان: "ضعيف لتعليقه، ومع كونه معلقا فهو موقوف على عائشة"]
وأجيب بأنه ليس فيه دلالة؛ لأننا نقول: هل إذا بلغت الجارية تسع سنين ولم تحض تصير امرأة؟ والجواب: أنه لم يقل أحد بذلك من أهل العلم، فعلم أن المراد بذلك بناء على الغالب وأنه مشروط بالحيض.
2- أنه لم يثبت في الوجود والعادة أن لأنثى تحيض قبل تسع سنين، وما ورد في الشرع ولا ضابط له شرعا ولا لغة، فإنه يتبع العرف والوجود.
القول الثاني: وهو قول محمد بن سلام من الحنفية إن البنت قد تحيض لست سنوات، واختار بعض الحنفية سبع سنوات، واستدلوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين) [حم 6717، د 495، وصححه الألباني] ووجه الاستدلال أن الأصل في الأمر الوجوب، ولا وجوب إلا مع البلوغ.
وهذا القول ضعيف لأن الأمر ليس موجها للصبيان مباشرة، بل خوطب به أولياؤهم من باب التدريب والتربية.
القول الثالث: وهو اختيار بعض الحنفية وهو رواية عن الإمام أحمد أن أقل سن للحيض اثنا عشرة سنة.
القول الثالث: وهو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن رشد من المالكية وهو الراجح إلى أنه لا حد لأقل سن الحيض، واستدلوا بأنه لا دليل على التحديد، بل متى وجد الدم الذي يحكم بأنه حيض في لونه ورائحته وثخونته فهو حيض شرعا، ويدل لذلك قوله تعالى {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} فإذا وجد الأذى المعروف فهو حيض، في أي سن كان. [الموسوعة الكويتية 18/296]
** اختلف العلماء في منتهى سن الحيض على أقوال:
القول الأول: وهو المشهور عند الشافعية والحنابلة أنه لا حيض بعد خمسين سنة، واستدلوا بما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض"
ولا يعلم ثبوت هذا القول عن عائشة -رضي الله عنها-، ولو ثبت فليس فيه حجة، فإنه يحتمل أنها قالت ذلك بناء على غالب النساء.
القول الثاني: وهو قول أكثر الحنفية أنه لا حيض بعد خمس وخمسون سنة.
القول الثالث: وهو رواية عن الإمام أحمد أنه لا حيض بعد الستين.
القول الرابع: وهو اختيار كثير من المالكية أن بنت سبعين سنة ليس دمها بحيض، وبنت خمسين يُسأل عنها النساء، فإن جزمن بأنه حيض أو شككن فهو حيض وإلا فلا، والمراهقة وما بعدها للخمسين يجزم بأنه حيض ولا سؤال، والمرجع في ذلك العرف والعادة.
القول الخامس: وهو قول للشافعية واختيار ابن رشد وشيخ الإسلام ابن تيمية، أنه لا حد لمنتهى سن الحيض، لقوله تعالى {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} فمتى كان هذا الأذى بوصفه المعروف فهو حيض وله أحكامه، ولقوله تعالى {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم} فعلق نهاية الحيض باليأس منه، ولم يعلقه ببلوغ سن معينة، واضطراب أقوال المحددين دليل على أنه ضعف هذه الأقوال وأنه ليس عليها دليل صريح صحيح. [الموسوعة الكويتية 18/297، الحاوي الكبير 1/478، الدر المختار 1/303]
** إذا انقطع الدم عن المرأة الكبيرة ثم عاد إليها، فقد اختلف العلماء على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه دم فساد، لأنها يائسة، وهو رواية عن الإمام أحمد.
القول الثاني: أنه دم حيض، وهو اختيار ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية، وقالوا إن قول الله تعالى {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم} لا يدل على أنه بمجرد اليأس ينقطع الحيض، فإن اليأس مرجعه إلى أنفسهن حين يرين أن الدم انقطع لفترة، لكن لا يمنع هذا أن يحدثه الله مرة أخرى، وهذا نظير قول الله تعالى {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا} فهن لا يرجون، ولا يمنع هذا أن يتزوجن، ولهذا قال شيخ الإسلام: "إذا انقطع دمها ويئست من أن يعود فقد يئست من المحيض ولو كانت بنت أربعين، ثم إذا تربصت وعاد الدم تبين أنها لم تكن آيسة" [مجموع الفتاوى 19/238]
القول الثالث: أننا لا نحكم بأنه حيض حتى يتكرر ثلاث مرات وهو رواية عن الإمام أحمد. [المغني 1/262، الفروع 1/266]