الجمعة 20 جمادي الأولى 1446
صوم شهر المحرم
الخميس 26 يناير 2023 2:00 مساءاً
490 مشاهدة
مشاركة

صوم شهر المحرم

** يسن صوم شهر المحرم فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) [م 1163] وآكده العاشر ثم التاسع لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) [م 1162] ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) [م 1134].

** قال ابن القيم في أعلام الموقعين: "قال شيخنا: ويحتمل أن يريد بشهر الله المحرم أول العام، وأن يريد به الأشهر الحرم، والله أعلم" [4/293]

** اختلف العلماء في تعيين يوم عاشوراء على قولين:

القول الأول: أنه اليوم العاشر من شهر الله المحرم، وهذا مقتضى الاشتقاق، وهو القول الصحيح.

القول الثاني: أنه اليوم التاسع من شهر الله المحرم، واستدلوا بحديث الحكم بن الأعرج قال: "انتهيت إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت له: أخبرني عن صوم عاشوراء، فقال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما، قلت: هكذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصومه؟ قال: نعم" [م 1133]

وأجيب عنه بما قاله ابن القيم في زاد المعاد [2/75]: "فمن تأمل مجموع روايات ابن عباس تبين له زوال الإشكال، وسعة علم ابن عباس، فإنه لم يجعل عاشوراء اليوم التاسع، بل قال للسائل: صم اليوم التاسع، واكتفى بمعرفة السائل أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر الذي يعده الناس كلهم يوم عاشوراء" ا.هـ

فإن قيل كيف قال ابن عباس -رضي الله عنهما- إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم التاسع مع أنه توفي قبل أن يصوم التاسع، حيث قال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)، وتوفي من عامه ذلك، فالجواب ما قاله ابن القيم: "فأرشد السائل إلى صيام التاسع معه، وأخبر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصومه كذلك، فإما أن يكون فِعل ذلك هو الأولى، وإما أن يكون حمل فعله على الأمر به، وعزمه عليه في المستقبل" [زاد المعاد 2/76]

القول الثالث: أن يوم عاشوراء هو التاسع أو العاشر، والاحتياط صوم اليومين، واستدلوا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بمخالفة أهل الكتاب، وقال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)، ومخالفة أهل الكتاب تحصل بنقل الصيام من العاشر إلى التاسع، أو بصيام التاسع والعاشر معا، وتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يبين لنا مراده، فكان الاحتياط صيام اليومين معا، وهذا القول يؤخذ من كلام ابن القيم في زاد المعاد [2/76]

** وهل يكره إفراد العاشر؟ 

فيه خلاف بين العلماء، فمنهم من قال يكره لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود صوموا قبله يوما أو بعده يوما) [خز 3/290، هق 4/287] 

ومنهم من قال لا يكره لكنه لا يحصل الأجر كاملا، وأجابوا عن الحديث السابق بأنه ضعيف، فيه ابن أبي ليلى وهو سيء الحفظ. [هق 4/287، وانظر شرح المشيقح 4/382].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات: "وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة، ولا يكره إفراده بالصوم، ومقتضى كلام أحمد أنه يكره، وهو قول ابن عباس وأبي حنيفة" 

وقال ابن القيم في زاد المعاد [2/76]: "فمراتب صومه ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم"، ومثله قال الحافظ في الفتح [4/246، انظر إشكالات حول أحاديث فرض عاشوراء وصيامه -صلى الله عليه وسلم- لذلك اليوم في زاد المعاد 2/66 - 77]