** اختلف العلماء في مدة الاعتكاف على أقوال:
القول الأول: أن أقل الاعتكاف ما يسمى به لابثا معتكفا، وهو اللحظة، وهذا مذهب الجمهور، لقوله تعالى {وأنتم عاكفون في المساجد} وهذا يشمل القليل والكثير.
القول الثاني: أن أقله يوم وليلة، والمستحب ألا ينقص عن عشرة أيام، وهذا مذهب المالكية، وفي رواية عن مالك أن أقله عشرة أيام، ولبعض المالكية أن أقله يوم.
وأقل ما ورد في هذه المسألة هو الاعتكاف يوم أو ليلة، ويدل لذلك ما يلي حديث ابن عمر: (أن عمر رضي الله عنهما قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: أوف بنذرك) [خ 6697، م 1656] وفي رواية لمسلم: (أن أعتكف يوما)، قال ابن حبان: "ألفاظ هذا الحديث مصرحة بأنه ندر اعتكاف ليلة إلا هذه الرواية، فإن صحت فيشبه أن يكون أراد باليوم مع ليلته، وبالليلة مع اليوم، حتى لا يكون بني الخبرين تضاد" [الفتح 4/274]
لكن عند الدارقطني: (فاعتكف عمر ليلة) [قط 2/199، وقال: "هذا إسناد صحيح ثابت"، ولكن هذا لا يقيد المسألة بيوم أو بليلة، لأن هذا حصل من عمر بناء على نذره، فلا يدل على التقييد، فالأقرب مذهب الجمهور.
** قال الشافعية والحنابلة: "وينبغي لمن قصد المسجد أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه، لا سيما إن كان صائما"، وفي الاختيارات قال: "ولم ير أبو العباس لمن قصد المسجد للصلاة أو غيرها أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه"، فإن قيل ما تقولون فيما ورد عن يعلى بن أمية -رضي الله عنه- أنه قال: "إني لأمكث في المسجد الساعة، وما أمكث إلا لأعتكف" [عبد الرزاق في مصنفه 4/346، وابن أبي شيبة 3/89، وإسناده صحيح، واحتج به ابن حزم في المحلى 5/179]، فالجواب أن هذا لا يدل على نية الاعتكاف مدة اللبث، فإنه ذكر أنه ما يمكث إلا ليعتكف، فغاية من الأثر جواز الاعتكاف أقل من يوم وليلة.