الجمعة 20 جمادي الأولى 1446
دخول المعتكف والخروج منه
الخميس 26 يناير 2023 2:00 مساءاً
488 مشاهدة
مشاركة

** جمهور العلماء على صحة الاعتكاف في سطح المسجد لأنه منه، وذهب المالكية إلى أنه لا يصح ذلك بناء على عدم صحة الجمعة عليه، والراجح مذهب الجمهور.

** اختلف العلماء في صحة الاعتكاف في رحبة المسجد على أقوال: 

القول الأول: أنه إن كانت متصلة بالمسجد داخلة في سوره فهي من المسجد، وإن كانت غير متصلة به ولا محوطة بسياجه فليست منه، وهو مذهب الشافعية ورواية عن أحمد وهو أقرب الأقوال.

القول الثاني: أن رحبة المسجد ليست من المسجد فلا يصح الاعتكاف فيها، وهو مذهب المالكية والمصحح عند الحنابلة، واستدلوا بما ورد عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كن المعتكفات إذا حضن، أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإخراجهن عن المسجد، وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن) [رواه ابن بطة، وقال في الفروع: "إسناد جيد" 3/177]، وأجيب عنه بحمله على رحبة ليست محوطة.

القول الثالث: أنه يصح الاعتكاف فيها إذا ضرب خباءه فيها، وهو قول للإمام مالك.

** يجوز أن يزوره أحد من أقاربه ويتحدث معه، وقد ثبت في الصحيحين من حديث صفية - رضي الله عنها: (أنها جاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوره وهو معتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فتحدثت عنده ساعة من العشاء ثم قامت تنقلب فقام معها النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد الذي عند مسكن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم مر بهما رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم نفذا فقال لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي، قالا سبحان الله يا رسول الله وكبر عليهما - أي عظم - ما قال، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما) [خ 6219، م 2175]

** الوقت المستحب لدخول المعتكف في العشر الأواخر من رمضان فيه خلاف بين العلماء: 

القول الأول: أنه من قبل غروب شمس ليلة الحادي والعشرين، وهو مذهب الجمهور وهو الراجح، واستدلوا بما يأتي:

1- حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (اعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال: إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها أو نسِّيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإني رأيت أني أسجد في ماء وطين فمن كان اعتكف مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليرجع، فرجعنا وما نرى في السماء قزعة فجاءت سحابة، فمطرت حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته) [خ 2016، م 1167، واللفظ للبخاري] وهو ظاهر في أن دخوله الاعتكاف كان ليلة الحادي والعشرين.

2- أن من أعظم ما يقصد من الاعتكاف التماس ليلة القدر، وليلة إحدى وعشرين من ليالي الوتر في العشر الأواخر فيحتمل أن تكون ليلة القدر، فينبغي أن يكون معتكفا فيها

القول الثاني: أنه من بعد صلاة الصبح من يوم الحادي والعشرين، وهو رواية عن أحمد، وبه قال الأوزاعي والثوري، واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه) [م 1173] 

وأجيب عن هذا الاستدلال بأن المعنى أنه انقطع في معتكفه، وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح، لا أن ذلك كان وقت ابتداء اعتكافه، بل كان ابتدأه قبل الغروب لابثا في جملة المسجد، أو أن حديث عائشة محمول على الجواز، وحديث أبي سعيد محمول على الاستحباب، أو هو محمول على دخوله صبيحة يوم العشرين لا اليوم الحادي والعشرين.

** اختلف العلماء في وقت خروج المعتكف، فاستحب كثير من العلماء أن يكون خروجه من معتكفه عند خروجه إلى صلاة العيد، وإن خرج قبل ذلك جاز، وهذا فعل كثير من السلف، كابن عمر - رضي الله عنهما، ولهذا قال إبراهيم النخعي: "كانوا يستحبون للمعتكف أن يبيت ليلة الفطر في المسجد حتى يكون غدوه منه إلى العيد"، وذهب آخرون إلى أنه يخرج بغروب شمس آخر يوم من العشر، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كان يعتكف الأواسط كان يخرج ليلة الحادي والعشرين، وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجاور في رمضان العشر التي في وسط الشهر، فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة تمضي ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه ورجع من كان يجاور معه) [خ 2018] 

** اختلف العلماء في البيع والشراء في المسجد للمعتكف وغيره على قولين:

القول الأول: أنه باطل، وهذا مذهب الحنابلة، واستدلوا بما يأتي:

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا رد الله عليك) [ت 1321، وصححه الألباني]

2- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه: (نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والاشتراء فيه، وأن يتحلق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة) [ت 322، د 1079، جه 749، وحسنه الألباني]

القول الثاني: أنه مكروه، وينعقد البيع، وهذا مذهب الجمهور، وهو اختيار ابن قدامة من الحنابلة، بل قال أبو حنيفة بالجواز، واستدلوا بالأدلة السابقة، قالوا: والنهي للكراهة بدليل قرن النهي عن البيع بالشعر، وقد نقل العراقي الإجماع على عدم فساد البيع.

وأجيب بأنه لا يلزم من قرن النهي عن البيع بالشعر صحة البيع، وما ذكر من الإجماع فهو غير مسلم.